قراءة في نص نوارس عطر للشاعر المصري / السيد فتحى عبد الرازق

نص موجز للشاعر المصري العالمي / السيد فتحى عبد الرازق
وقـراءة تحـليلية للشاعر المصري / محمد فتحى السيد
----------------------------------------------------------------
أولا نبذة مخـتصرة عن الشاعر
الاسم / السيد فتحى إبراهيم عبدالرازق
شاعر فصحى مصري - من مواليد مدينة السنبلاوين محافظة الدقهـلية .
رئس نادي الأدب بقصر ثقافة السنبلاوين . عمل في مجال الصحافة والإعلام . فاز ديوانه ( سأباغتهم بموتي هذا الصباح ) بأفضل ديوان فصحى عام 2002م عن الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية . وفاز أيضا بجائزة سوزان مبارك وأعيد طبع الديوان طبعه ونشره عن الهيئة العامة للكتاب عبر مشروع القراءة للجميع . مثل مصر في الكثير من الدول عبر المهرجانات الأدبية والثقافية وتم تكريمه من قبل الكثير الكيانات الادبية المصرية والعربية الحكومية والأهلية . لقـبوه بعدة ألقاب من أشهرها وأحبها إلى نفسه ( شاعر نوبل ) و ( الشاعر العالمي ) إستقـر بالمملكة المغربية منذ عدة سنوات وتزوج من إحدى المبدعات المغربيات . ويزور مصر حـاليا بين الحـين والحـين .
----------------------------------------------------------------
ثانيا النص الموجـز
يقول الشاعر السيد فتحى ...
مشطوا حـزني المجعـد بقـلبي
بأصابع الرخام
فإنفـلق الوقـتُ طواويساً من ذهـبٍ
علي عـرشٍ فـرحِ
من فـضة البنفـسج
فـغـردت نوارسُ عـطرٍ مغـدور..!!
----------------------------------------------------------
ثالثا - القـراءة التحـليلية
مشطوا حـزني المجعـد بقـلبي بأصبابع الرخام
مشطوا حزنى المجعـد بقـلبى . أى إغـرسوا أسنان المشط في هـذا الحـزن الكثيف القـديم الذى ملئته التجاعـيد معبرة عن قـدمه وسيطرته حـتى ظهرت عـليه تجاعـيد الشيخـوخة . وحـركوا المشط بشدة لتفـرقـوا الأحـزان التي تراكمت بقـلبي فأصبحـت كخـصلات شعـر تجـمعـت وأتحـدت فـصارت كضفـيرة متينة يصعـب تفـكيكها . وكأن الشاعر يوجه صـرخة غـير مباشرة نابعة من هـذا الحـزن الكامن منذ الصغـر وربما ولـد معـه . أو أتى قـبله وانتظر لحـظة ميلاده ليسكن قـلبه . مشطوا حزنى المجعـد بقـلبى .
وكأن هـناك من سأله بصـوت لم نسمعه . وكيف نمشطه ؟ . أو نمشطه بماذا ؟
فـسرعان ما يجـيب . بأصابع الرخام
ياله من مشط شديد الصلابة شديد البرودة منزوع الإحساس .فأسنان المشط عبارة عن أصابع من الرخام .
كى تقـوى على الغـرس فى هـذا الحـزن المجـعـد . الذى أصبح كـتلة واحـدة شديدة الكثافـة لطول زمن وجـودها وإمتداد مساحات توغـلها وسيطرتها على هـذا القـلب . فالمشط العادى يتسلل بين خـصلات الشعـر بسهـولة ويسر . لكن الأمر هنا أشد صعوبة وأكثر تعـقـيـداً . ولايصلح لتفـريق تلك الخـصلات إلا مشط بارد . صلب . حاد الأسنان . كأصابع الرخام .ما أروع هـذه الصورة الجـمالية المركبة المبتكرة العالمية بحـق .
وكأن السائل الذي لم نسمعه عاد يسأل . وما فائدة هذا التمشيط ؟ .
فسرعان مايجـيبه الشاعر ... فانفـلق الوقـتُ طواويساً من ذهـبٍ . علي عـرشٍ فـرحِ من فـضة البنفـسج .
فـكشـف له ولنا عـن لحـظات الفـرح المستترة أسفـل هـذا الحـزن المجـعـد . التي تحجـرت مع الوقـت ولم تعـد تظهر لها أية معالم بسبب الحـزن الطاغى المتراكم . وأنه بعـد عـمـلية التمـشـيـط الشـديـدة القـسـوة . سينفـلـق الفـرح المـتحـجـر وتتناثر منه ذرات . ما أجـمـلها إنها طواويس .
ما أروعه في إبتكار التشـبيهات الشديدة الدقة الفائقة الجـمال وتحـويـله المحـسـوس إلى ملموس !! . بمفـردات منتقاة تعـد على الأصابع . فالفـرح يحـس ولا يرى إلا عـندما تظهـر له عـلامات فى العـيـنيـن أو حـركة الشـفـتـين فـيعـطى للـوجه جـمالاً فـوق جـماله . وفي الحـالتين لا يكن ملموسا . فـشـبه لنا الفـرح بالحجارة قـبل عـملية التمشيط وبهذا حـوله إلى ملموس . وشبهت ذرات الفـرح المتناثرة بفـعـل تمشيط أصابع الرخـام .بالطواويس ليأكد على تحـويل المحـسوس لملموس بوصف جـديد وشكل مخـتلف . ولـيـبـرز لنا الجـمال الشكلى للفـرحة في صورة ( طاوويس من ذهب ) . هـذا من جـهة .
ومن جـهة أخـرى يظهر لنا الفـرح المحـتجـر والمستتر خـلف الحـزن المجعـد كمجـمـوعة من الأسرى بكهـف لايرى الـنور وحـينما تناثرت ذرات الفـرح المحـتجـر كالطواويس الطائرة السعـيدة بحـريتها التى حـرمت منها منذ زمن بعـيد . فـغـردت نوارسُ عـطرٍ مغـدور
.. فـغـردت نوارس عطر . أى تلاقـت افـراحاً مع بعـضها البعـض .
وتلك الأفـراح من جـنس واحـد وهـو الطيور . وأعـتقـد أن هـذا الفـرح . الفـرح بالثورة الذي جـمع محـبي الحـرية من كل صـوب . فالشاعر كتب النص عقب ثورة يناير 2011م وكأنه ينوه لنا عن إخـتلاف الفـصائل بين محـبى الحـرية . كالمسلم والمسيحى مثلاً . أو السنى والشيعى . أو الليبرالى والعـلمانى . مؤكدا على أنهم مهما اخـتـلفـوا في الفكر أو العـقـيدة أو الإنتماءات السياسية . أو ...... فإنهم من جـنس واحـد وهـو البشر .ولا بـد أن يحـرصوا جـميعا على الحفاظ على تلك الأفراح حـتى لاتتراكم فوقها الأحـزان مرة أخرى ولا تـجـد من يـقـوى على تمشيطها .
فالطواويس والنوارس مخـتـلفان في أشكالهما وألوانهما . لـكـنهما فى النهاية من جـنس واحـد وهـو الطيور وكلاهما عاشق للحـرية . أي باحـث عن السعادة .
وفي النهاية أقـول .. ويبقى المعـنى فى وجـدان الشاعر . فـهـو أعـلم الناس بإشارات نصه ورموزه وشفـراته وهذه القـراءة ليست إلا إجـتهاد منى كقارئ متذوق عـاشق للإبداع سعى أن يفـهم مابين السطور .. وعلى المتلقى أن يحـلق فى سماء النص ويغـوص فى أعـماقه ويحـلله كيفـما شاء - فـإنه نص عالمى بحـق
.... الشاعر محـمد فتحى السيد